الأفكار والأوراق البحثية

اشتراط المال المثلي في محل القرض: هل يمنع غير المثلي والمنفعة من التوافق مع الشريعة؟

نظرة عامة 

يشترط المعيار الشرعي رقم 19 الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (أيوفي) أن يكون محل القرض مالاً مثليًا. هذا الشرط يُقصي الأموال القيمية والمنافع من دائرة الجواز، باعتبار أن غير المثليات لا يمكن ردّ مثلها بدقة، مما يثير إشكالات فقهية حول مدى التزام هذا الشرط بالتراث الفقهي الواسع.

المنظور الشرعي

السادة الحنفية يضيقون في هذه المسألة، فلا يجيزون القرض إلا في المال المثلي القابل للتماثل والرد بالمثل، ويرون أن القرض في غير المثلي أو المنفعة لا يحقق المقصد الشرعي من تبادل المثل بالمثل.
في المقابل، يرى الجمهور (المالكية، الشافعية، والحنابلة في المعتمد) أن القرض يصح في الأموال القيمية، بل وحتى في المنافع، بشرط أن تكون منضبطة بالوصف وتقبل السَّلَم. ويستدلون على ذلك بجملة من النصوص، منها حديث استسلاف النبي صلى الله عليه وسلم لبَكْرٍ من الإبل، وهو ليس من المثليات.
في المقابل ابن تيمية وابن القيم وسّعا باب القرض ليشمل المنافع، كأن يسكنه دارًا مقابل سكناه داره، أو يحصد له يومًا مقابل يوم، وهو ما اعتبروه من باب العارية بعوض.

ما الذي يمكن استنتاجه؟

• جمهور الفقهاء أجازوا القرض في الأموال القيمية والمنافع بشرط الانضباط بالوصف.
• ما يجوز فيه السَّلَم، يجوز قرضه.
• المنافع تعتبر أموالًا عند الجمهور، طالما أنها تحاز عبر أصولها.
• الفقه الإسلامي المعاصر بحاجة إلى مقاربة تراعي التيسير، خاصة في ظل الحاجة الماسّة لتمويل الحِرَف والمشروعات الصغيرة بوسائل غير نقدية.

الخلاصة

القيد المفروض على القرض بأن يكون مثليًا فقط، وإن كان مبنيًا على مبدأ الاحتياط، إلا أن اتساع أقوال الفقهاء يفتح المجال أمام المؤسسات المالية الإسلامية لتقديم بدائل تمويلية تتوافق مع الشريعة دون حصرها في النقد وحده.

تحميل الورقة للاطلاع على التفاصيل الشرعية والاختلافات الفقهية

Share: